صلاة التسابيح
- كن أول من يعلق
- مقالات
سُئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز عن حكم صلاة التسابيح وهذا نص جوابه رحمه الله
الجواب:
“صلاة التسبيح مشهورة عند أهل العلم، وقد تنازع العلماء في صحتها..
– فمن أهل العلم من عمل بها وصححها؛ لما في ذلك من الأجر العظيم الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم وغفران السيئات.
– ومن أهل العلم من ضعف الرواية ولم يصححها، وذكر أنها رواية شاذة، والحديث الشاذ مخالف للأحاديث الصحيحة، وهذا القول الثاني هو الأصح، وأن صلاة التسبيح حديثها شاذ غير صحيح، وأن المعتمد قول من قال: إنها غير صحيحة، وأنها موضوعة لا أساس لها من الصحة، وأسانيدها كلها معلولة، ومتنها شاذ منكر مخالف للأدلة الشرعية الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فإن صلاته في الليل والنهار محفوظة عليه الصلاة والسلام، وقد رواها الثقات والأثبات في الصحيحين وغيرهما، ولم يحفظ عنه عليه الصلاة والسلام أنه صلى هذه الصلاة.
فوجب على أهل الإيمان أن يردوا ما خالف الأدلة المعروفة إلى الأدلة المعروفة، فالأدلة المعروفة الثابتة دالة على صفة صلاته عليه الصلاة والسلام، وأن ليس فيها هذه التسبيحات المذكورة، بل هذه انفردت بها هذه الرواية، فالصواب أنها شاذة المتن ضعيفة الأسانيد؛ فلا ينبغي التعويل عليها ولا العمل بها، وإن صححها بعض المتقدمين وبعض المتأخرين، لكن العمدة في هذا أن كل متن يخالف الأحاديث الصحيحة -وإن صح سنده- فإنه يعتبر شاذًا، فكيف إذا كان الإسناد معلولًا.
قد قال الأئمة في مصطلح الحديث: إن الأحاديث المختلفة يرجع فيها أولًا إلى الجمع -إذا تيسر الجمع- فإذا أمكن الجمع جمع بينها، وقُبلت كلها، فإن لم يتيسر الجمع ولم تتوافر شروطه؛ رجع إلى النسخ إذا عُلم النسخ، وعُلم الناسخ، إذا علم الأخير من المتقدم؛ صار الأخير ناسخًا للمتقدم عند تعذر الجمع، فإذا لم يعلم المتأخر من المتقدم ولم تتوافر شروط النسخ ولا شروط الجمع؛ انتقل إلى أمر ثالث وهو الترجيح.
وهذه الصلاة ليس فيها ما يدل على التاريخ وأنها متأخرة عن غيرها، وليس فيها ما يدل على أنها سنة استعملها النبي صلى الله عليه وسلم سابقًا ولاحقًا، وليس فيها ما يقتضي الجمع بينها وبين غيرها؛ فتعين الأمر الثالث وهو: أنها غير صحيحة، وأنها شاذة مخالفة للأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومخالفة لسنته المعروفة عنه عليه الصلاة والسلام في ليله ونهاره مدة حياته، فلم يحفظ عنه أنه فعلها مرة واحدة، ولم يعرف عنه بذاك الصلاة والسلام ما يدل على أنها سنة متبعة في أحاديث صحيحة؛ فعُلم بذلك أنها شاذة وأنها مختلقة، وأنه لا أساس لها في الأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم”. ا.ه